قالت مجلة لوبوان (Le Point) الفرنسية إن السلطات اليابانية قررت الإفراج المؤقت عن مئات الأجانب بدون تأشيرات، مع شروط تقييدية عديدة، من ضمنها عدم الحق في العمل والمثول دوريا أمام الشرطة، مما يعني نهاية حلم التوظيف في إمبراطورية الشمس المشرقة بالنسبة لكثير من الشباب.
وانطلقت مراسلة المجلة في طوكيو، كارين نيشيمورا، من مأساة الفيتنامية لين التي تعيش في غرفة فندق مع شخصين بدون نقود أو سكن ثابت، ولا يحق لها الحصول على أي مساعدة اجتماعية وليس لديها تأمين صحي، حتى أصبحت أمنيتها الوحيدة العودة إلى بلادها، تقول “لقد انتهى حلم اليابان. ندمت على مجيئي”.
وقالت المراسلة إن الثلاثينية الفيتنامية العالقة في طوكيو منذ عدة أيام، والتي لا تملك سوى مع ما يعادل 30 يورو، تحملت ديونا كبيرة في فيتنام قبل عام، لتلبية شروط القبول في برنامج تدريب مهني مدته 3 سنوات في اليابان، وكان من المفترض أن يسمح لمثلها من العمال الأجانب بالتدرب في الشركات اليابانية قبل العودة إلى البلاد.
ومثل كثيرين آخرين، معظمهم من الشباب الآسيويين، استخدمت لين بعمل يدوي صغير في مصنع بمقاطعة جيفو وسط اليابان، قبل طردها عند إفلاس الشركة بسبب أزمة كورونا، إلا أن ما كان متوقعا -من عرض عمل آخر عليها من قبل هيئة إشرافية مسؤولة عن هذا النوع من العمال- لم يتم، كما تقول المراسلة.
حرية محدودة مع حظر العمل
وبسبب وقوعها في وضع غير قانوني، تم وضع لين في مركز احتجاز -كما تقول المراسلة- هو في الواقع بمثابة غرفة انتظار لعودتها إلى بلدها، وهو مكان قد يعاني نزلاؤه لعدة سنوات، إما بسبب نقص الموارد التي تسمح لهم بالسفر أو لعدم رغبتهم في المغادرة.
“الأجانب الموجودون في مثل هذه المراكز غير شرعيين” -حسب مسؤول في وزارة العدل اليابانية طلب عدم الكشف عن هويته- ولم يعد لديهم ما يفعلونه في اليابان “نريدهم أن يغادروا البلاد. وهم في هذه المراكز لأنهم لا يريدون العودة إلى ديارهم”.
ولأن هذه الحجة التي ساقها المسؤول للمجلة أواخر 2019 لم تعد صالحة مع وباء كوفيد-19، نظرا لمخاطر الإصابة بالفيروس في هذه الأماكن المزدحمة، قررت السلطات الإفراج مؤقتا عن مئات الأجانب الذين ليست لديهم تأشيرات، ولكن مع العديد من الشروط التقييدية التي قد يكون من ضمنها التسجيل دوريا لإثبات الوجود لدى الشرطة، والتي لا يسمح معها بالعمل مطلقا.
متدربون على قارعة الطريق
وتقول لين إنها لا تملك المال لدفع ثمن تذكرة الطائرة، ولم تترك لها السلطات إمكانية لكسبه، ومع أنها راغبة في العودة إلى بلدها فإنها لا تستطيع ذلك، لأن عدد الطائرات قليل جدا والمقاعد باهظة الثمن، مضيفة “لدي دين كبير في فيتنام، لكن هناك يمكنني على الأقل العمل بجد لسداده”.
وقالت المراسلة إن الطريقة التي عامل بها أرباب العمل هؤلاء المتدربين الأجانب من الشباب -الذين تمثل اليابان بالنسبة لهم أرض الأحلام- جعلت مجموعات الدفاع عن العمال تحتج بانتظام، خاصة أن الطريقة التي تم بها التخلي عن هؤلاء المتدربين من قبل السلطات التي جلبتهم قد تكون نذير شؤم لبلد مثل اليابان لديه نقص في العمالة.
وكانت اليابان قبل الوباء قد أطلقت برنامجا واسعا، يقوم على نوع جديد من التأشيرات لجذب اليد العاملة الأجنبية لمختلف القطاعات، كالزراعة والخدمة المنزلية وغيرها.
وردا على سؤال حول قضايا مثل ما حدث مع لين، قال وزير العدل الياباني يوكو كاميكاوا إن “حظر العمل” بالنسبة لهؤلاء الأجانب “شرط مسبق” للإفراج المشروط عنهم، لأنهم “في حالة إقامة غير شرعية، وإذا كانوا يواجهون صعوبات، فعليهم الاتصال بالإدارة التي ستبذل قصارى جهدها لمساعدتهم على العودة إلى بلادهم”.
لكن الأمر ليس بهذه البساطة، كما يقول السيناتور الشيوعي توموكو تامورا الذي احتج لدى الحكومة عندما ظهرت الحالات الأولى من هذا النوع الصيف الماضي، فقد قيل له “المنظمات التي تشرف على هؤلاء العمال هي المسؤولة عن ذلك، وكانت عليها مساعدتهم حتى على العودة إلى بلادهم، ولو بعد انقطاع تدريبهم المهني لأي سبب كان. إلا أنه لا يتم احترام هذه الأحكام على الإطلاق”.
يقول السيناتور “لا يمكننا أن نعتبر أن هؤلاء الناس مذنبون، فهم بسبب خطأ شخصي وجدوا أنفسهم في وضع الإقامة غير القانونية، ولا بد من تحميل المنظمات التي تعتني بهم المسؤولية عن ذلك، وتلك مهمة الحكومة والتي سأظل أتابعها” إلا أن “هؤلاء الأجانب ليس لديهم مخرج في الوقت الحالي”.